فصل: قال أبو عمرو الداني:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم




.سورة البينة:

.فصول مهمة تتعلق بالسورة الكريمة:

.فصل في فضل السورة الكريمة:

قال مجد الدين الفيروزابادي:
فضل السّورة:
صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال لأُبي بن كعب: «يا أُبي إِنَّ الله أمرني أَن أقرأ عليك {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُواْ}» قال أُبيّ: وسمَّاني؟!. قال: «نعم»، فبكى أُبيّ من الفرح.
وفيها أَحاديث ضعيفة، منها: «لو يعلم الناس ما في {الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} لعطَّلوا الأَهل، والمال، وتعلَّموها».
فقال رجل من خُزَاعة: ما فيها من الأَجر يا رسول الله؟ فقال: «لا يقرؤها منافق أَبدًا ولا عبدٌ في قلبه شك في الله، والله إِن الملائكة المقربين ليقرءونها منذ خلق الله السموات والأَرض لا يَفْتُرون من قراءتها. وما من عبدٍ يقرؤها بليل إِلا بعث الله ملائكة يحفظونه في دينه ودنياه، ويَدْعون الله له بالمغفرةِ والرّحمة. فإِن قرأها نهارًا أعطى من الثواب مثلَ ما أَضاءَ عليه النَّهار، وأَظلم عليه الليل»، فقال رجل: زدنا من هذا الحديث، فذكر سُوَرًا أُخرى قد بيّناها، وحديث علي: «يا علي مَنْ قرأ {لم يكن} شهد له أَلف مَلَك بالجَنَّة، وله بكلّ آية قرأها مثلُ ثوابِ رجل أَطعم أَلْف مَريض شهوتَهم». اهـ.

.فصل في مقصود السورة الكريمة:

.قال البقاعي:

سورة البينة:
سورة الإعلام بأن هذا الكتاب القيم من علو مقداره وجليل آثاره أنه كما أنه لقوم نور وهدى فهو لآخرين وقر وعمى، فيقود إلى الجنة دار الأبرار، ويسوق إلا النار دار الأشقياء الفجار، وعلى ذلك دل كل من أسمائها {الذين كفروا} و{المنفكين} بتأمل الآية في انقسام الناس إلى أهل الشقاوة وأهل السعادة. اهـ.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

.بصيرة في: {لم يكن الذين كفروا}:

السّورة مكِّيّة.
آياتها في عدّ البصري سبع، وعند الباقين ثمان.
وكلماتها أَربع وسبعون.
وحروفها ثلاثمائة وتسع وتسعون.
المختلف فيها آية: {مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}.
فواصل آياتها على الهاءِ.
ولها اسمان: سورة المنفكِّين: لقوله: {وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ}، وسرة القيِّمة؛ لقوله: {وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ}.

.معظم مقصود السّورة:

بيان تمرّد أَهل الكتاب، والخبرُ من صحة أَحكام القرآن، وذكر وظيفة الخلق في خدمة الرحمن، والإِشادة بخير البريّة من الإنسان، وجزاء كلّ أحد منهم بحسب الطَّاعة والعصيان، وبيان أَن موعود الخائفين من الله الرّضا والرضوان، في قوله: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ}.
السّورة محكَّمة. والمتشابه فيها إِعادة البينة، والبرية، وقد سبق. اهـ.

.فصل في التعريف بالسورة الكريمة:

.قال ابن عاشور:

سورة البينة:
وردت تسمية هذه السورة في كلام النبي صلى الله عليه وسلم {لم يكن الذين كفروا}. روَى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بن كعب: «إن الله أمرني أن أقرأ عليك: {لم يكن الذين كفروا} قال: وسمّاني لك؟ قال: نعم. فبكى» فقوله: «أن أقرأ عليك: {لم يكن الذين كفروا}» واضحٌ أنه أراد السورة كلها فسماها بأول جملة فيها، وسميت هذه السورة في معظم كتب التفسير وكتب السنة سورة {لم يكن} بالاقتصار على أول كلمة منها، وهذا الاسم هو المشهور في تونس بين أبناء الكتاتيب.
وسميت في أكثر المصاحف (سورة القيّمة) وكذلك في بعض التفاسير. وسميت في بعض المصاحف (سورة البيّنة).
وذكر في (الإِتقان) أنها سميت في مصحف أبيّ (سورة أهل الكتاب)، أي لقوله تعالى: {لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب} (البينة: 1)، وسميت سورة (البرية) وسميت (سورة الانفكاك). فهذه ستة أسماء.
واختلف في أنها مكية أو مدنية قال ابن عطية: الأشهر أنها مكية وهو قول جمهور المفسرين.
وعن ابن الزبير وعطاء بن يسار هي مدنية.
وعكس القرطبي فنسب القول بأنها مدنية إلى الجمهور وابن عباس والقول بأنها مكية إلى يحيى بن سلام.
وأخرج ابن كثير عن أحمد بن حنبل بسنده إلى أبي حبّة البدري قال: «لما نزلت: {لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب} إلى آخرها قال جبريل: يا رسول الله إن الله يأمرك أن تُقرئها أبيًّا» الحديث، أي وأبيٌّ من أهل المدينة. وجزم البغوي وابن كثير بأنها مدنية، وهو الأظهر لكثرة ما فيها من تخطئة أهل الكتاب ولحديث أبي حبة البدري، وقد عدها جابر بن زيد في عداد السور المدنية.
قال ابن عطية: إن النبي صلى الله عليه وسلم إنما دُفع إلى مناقضة أهل الكتاب بالمدينة.
وقد عدت المائة وإحدى في ترتيب النزول نزلت بعد سورة الطلاق وقبل سورة الحشر، فتكون نزلت قبل غزوة بني النضير، وكانت غزوة النضير سنة أربع في ربيع الأول فنزول هذه السورة آخر سنة ثلاث أو أول سنة أربع.
وعدد آياتها ثمان عند الجمهور، وعدها أهل البصرة تسع آيات.
أغراضها:
توبيخُ المشركين وأهللِ الكتاب على تكذيبهم بالقرآن والرسول صلى الله عليه وسلم.
والتعجيب من تناقض حالهم إذ هم ينتظرون أن تأتيهم البينة فلما أتتهم البينة كفروا بها.
وتكذيبُهم في ادعائهم أن الله أوجب عليهم التمسك بالأديان التي هم عليها.
ووعيدهم بعذاب الآخرة.
والتسجيل عليهم بأنهم شر البرية.
والثناءُ على الذين آمنوا وعملوا الصالحات.
ووعدهم بالنعيم الأبدي ورضَى الله عنهم وإعطائه إياهم ما يرضيهم.
وتخلل ذلك تنويه بالقرآن وفضله على غيره باشتماله على ما في الكتب الإِلاهية التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم من قبل وما فيه من فضل وزيادة. اهـ.

.قال الصابوني:

سورة البينة:
مدنية.
وآياتها ثمان.
بين يدي السورة:
سورة البينة وتسمى سورة لم يكن مدنية، وهي تعالج القضايا الآتية:
1- موقف أهل الكتاب من رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
2- موضوع إخلاص العبادة لله جل وعلا.
3- مصير كل من السعداء والأشقياء في الآخرة.
4- تحدثت السورة الكريمة عن موقف اليهود والنصارى، من دعوة النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن كانوا ينتظرون قدومه، فلما جاءهم بالنور والضياء كانوا أول من كذب برسالته {لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة..} الآيات.
* ثم تحدثت السورة عن عنصر هام من عناصر الإيمان، وهو إخلاص العبادة لله العلي الكبير، الذي أمر به جميع أهل الأديان، لإفراده جل وعلا بالذكر، والقصد، والتوجه في جميع الأقوال والأفعال والأعمال، خالصة لوجهه الكريم {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة..} الآيات.
* كما تحدثت عن مصير أهل الإجرام- شر البرية- من كفرة أهل الكتاب والمشركين، وخلودهم في نار الجحيم، وعن مصير المؤمنين، أصحاب المنازل العالية- خير البرية- وخلودهم في جنات النعيم، مع النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين، جزاء طاعتهم وإخلاصهم لرب العالمين {إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيا أولئك هم شر البرية إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية..} الآيات إلى نهاية السورة الكريمة. اهـ.

.قال أبو عمرو الداني:

سورة القيمة 98:
مدنية.
وقد ذكر نظيرتها في غير البصري والشامي ونظيرتها فيهما إذا زلزلت والهمزة.
وكلمها أربع وتسعون كلمة.
وحروفها ثلاثمائة وستة وتسعون حرفا.
وهي تسع آيات في البصري والشامي بخلاف عنه وثمان في عدد الباقين.
اختلافها:
آية {مخلصين له الدين} عدها البصري والشامي على خلاف عنه في ذلك ولم يعدها الباقون.
وفيها مما يشبه الفواصل موضعان:
وهما قوله عز وجل: {المشركين} في الموضعين معا.

.ورءوس الآي:

{البينة}.
1- {مطهرة}.
2- {قيمة}.
3- {البينة}.
4- {القيمة}.
5- {البرية}.
6- {البرية}.
7- {ربه}. اهـ.

.فصل في معاني السورة كاملة:

.قال المراغي:

سورة البينة:
{أهل الكتاب}: اليهود والنصارى، المشركون: عبدة الأوثان والأصنام من العرب وغيرهم، {منفكين}: أي مفارقين ما هم عليه، و{البينة}: الحجة الواضحة، والمراد بها النبي صلى الله عليه وسلم، والصحف: واحدها صحيفة: وهى ما يكتب فيه، {مطهرة}: أي مبرأة من الزور والضلال، والقيمة: المستقيمة التي لا عوج فيها لاشتمالها على الحق، و{البينة}: الثابتة الدليل، والإخلاص: أن يأتي بالعمل خالصا له تعالى، لا يشرك به سواه، {الدين}: العبادة، وإخلاص الدين للّه: تنقيته من أدران الشرك، {حنفاء}: واحدهم حنيف، وهو في الأصل المائل المنحرف والمراد به المنحرف عن الزيغ إلى إسلام الوجه للّه، و{البرية}: الخليقة، خشي اللّه: أي خاف عقابه. اهـ.

.قال ابن قتيبة:

سورة البينة:
1- {مُنْفَكِّينَ}: زائلين. يقال. ما أنفكّ في كذا، أي لا أزال.
3- {كُتُبٌ قَيِّمَةٌ}: عادلة. اهـ.

.قال الفراء:

سورة البينة:
{لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ}
قوله عز وجل: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ...}.
يعنى: النبي صلى الله عليه وسلم، وهى في قراءة عبد الله: {لَمْ يَكُنِ الْمُشْرِكُون وأَهْلُ الْكِتابِ مُنْفَكِّين}.فقد اختَلف التفسير، فقيل: لم يكونوا منفكين منتهين حتى تأتيهم البينة.
يعنى: بعثه محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن: وقال آخرون: لم يكونوا تاركين لصفة محمد صلى الله عليه وسلم في كتابهم: أنه نبيٌّ حتى ظهر، تفرقوا واختلفوا، ويصدّق ذلك.
{رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُواْ صُحُفًا مُّطَهَّرَةً}
وقوله عَزَّ وَجَل: {رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ...}.
نكرة استؤنف على البينة، وهى معرفة، كما قال: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} وهى في قراءة أُبى: {رَسُولًا مِنَ اللهِ} بالنصب على الانقطاع من البيِّنة.
{وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ}،وقوله عز وجل: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ...}.
وقد يكون الانفكاك على جهةِ يُزال، ويكون على الانفكاك الذي تعرفه، فإذا كنت على جهة يَزال فلابد لها من فعل، وأن يكون معها جحد، فتقول، ما انفككت أذكرك، تريد: ما زلت أذكرك، فإِذا كانت على غير معنى: يزال، قلت: قد انفككت منك، وانفك الشيء من الشيء، فيكون بلا جحد، وبلا فعل، وقد قال ذو الرمة:
قلائص لا تنفك إِلاّ مُناخة ** على الخسف أو ترمى بلدًا قفرا

فلم يدخل فيها (إِلاَّ) وهو ينوى بها التمام وخلاف: يزال، لأنك لا تقول: ما زلت إلا قائمًا.
{وَمَآ أمرواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُواْ الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ}
وقوله تبارك وتعالى: {وَمَآ أمرواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ اللَّهَ...}.
العرب تجعل اللام في موضع (أن) في الأمر والإرادة كثيرًا؛ من ذلك قول اللهِ تبارك وتعالى: {يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُم}، و{يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا}.
وقال في الأمر في غير موضع من التنزيل، {وَأمرنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} وهى في قراءة عبد الله، {وَمَا أمروا إِلاَّ أَنْ يَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ} وفى قراءة عبد الله: {ذلك الدين القيمة} وَفى قراءتنا {وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} وهو مما يضاف إلى نفسه لاختلاف لفظيه. وقد فسر في غير موضع.
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ}
وقوله جل وعز: {أُوْلَائِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ...}.
البرية غير مهموز، إلا أن بعض أهل الحجاز همزها؛ كأنه أخذها من قول الله جل وعز برأكم، وبرأ الخلق، ومن لم يهمزها فقد تكون من هذا المعنى. ثم اجتمعوا على ترك همزها كما اجتمعوا على: يرى وتَرى ونرى. وإن أخِذتْ من البَرَى كانت غير مهموزة، والبرى: التراب سمعت العرب تقول: بفيه البرى، وحمّى خيبرى، وشرُّ ما يرى فإنه خيسرى. اهـ.